تَقومُ فكرةُ البحثِ في كيفيةِ استخدام إمكانات الحاسوب في تعلّم اللغة العربية وتعليمها، وأهم الطرق التعليمية، وأنواع البرامج الحاسوبية المُتبعة في ذلك، ثُمَّ يتعرُّضُ إلى أسباب تأخُّرِ وضع برامج حَاسوبيَّة لتعلُّم اللُّغة العربيَّة، والصُّعوبات التي تعترضُ ذلك، ليتناولَ البحثُ فكرةَ برنامج الصَّوتيات العربيَّة الحاسوبيِّ الذي قُمنا بإعداده، ومنهجه، وطريقة بنائه، فيعتمد برنامج الصَّوتيات العربيَّة على الطريقة التحليليَّة التي تبدأ من الجملة البسيطة، فالمُفردة، فالمَقطع الصوتي، فالصوت اللغوي، مستخدماً أسلوب الاستثارة – الاستجابة، عن طريق استعمال الصُّور والأسئلة، ومن خلال تنمية مهارات الاستماع الاستظهار، إذْ يهدفُ هذا البرنامج إلى إرشاد المتعلمين من غير العرب إلى مخارج الأصوات الصامتة دون صفاتها، مُستخدماً التَّجربة الذَّاتيَّة المَصحوبة بصرياً بالتمثيلِ التشريحيّ المُتحرك، كما يحوي هذا البرنامج عدداً كبيراً من الألفاظ ذات الدَّلالات الحسيَّة، بهدف تعلم نطق الأصوات العربية داخل النُّسج الصوتيَّة العربيَّة، ثم تعلُّم معانيها عن طريق استخدام الصُّور، من حيثُ هي وسيلةٌ تَعليميَّةٌ، بهدف الربط بين الأصوات والدلالة، ولذلك يُعدُّ البرنامجُ مُعجماً لُغويَّاً بصريَّاً صوتيَّاً مُبسَّطاً، ليصلَ البحثُ إلى نتائج المقارنةِ بين منهجه وطريقة بنائه والطُّرق التَّعليميَّة المُتَّبعة في تعلُّم اللُّغَات الأجنبيَّة، وأنواع البرامج الحاسوبيَّة التعليميَّة المعروفة.
كلمات مفتاحية:
الصوتيات، برنامج حاسوبي، سمعي/ بصري.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Dr. Maher Habeeb
Computer assisted Arabic language learning and teaching is the controlling idea that will be developed in this research. It will attempt to explore the most important methods and computer programs used in this connection. Moreover, this research will try to highlight the reasons and difficulties which hindered deploying such programs to learn Arabic language. This will lead to the idea of computational Arabic phonetics and methods, and the way of structuring them. Thus, this program of Arabic phonetics will start with the simple sentence , the word, the syllable then the phoneme. To accomplish this , the approach of stimulus and response may be adopted by using pictures, and questions, and by developing the skills of listening and memorizing. So this program may guide the non-native speakers of Arabic to the places of silent sounds articulation relying on self-experience accompanied with visually mobile anatomy. This program will also include a large number of spoken items which have tangible connotations hoping to learn the manner of articulating Arabic phonemes after we learn their meanings by using pictures as teaching aids to create a link between the phonemes and their meanings. In conclusion , this program may be regarded as a simple , linguistic visual and phonetic dictionary aspiring to show the comparative results between the method and the way of structuring it on the one hand and the teaching approaches adopted in language acquisition and the various, familiar computer teaching programs on the other hand.
Key words : Phonetics
Computer program
Auditory/ visual
الاستنتاجات والتوصيات
بمقارنة منهج هذا البرنامج، وطريقة بنائه التعليمية، مع الطرق التعليمية وأنواع البرامج الحاسوبية التعليمية السابقة، فإنَّـه يُلحَظُ، للوهلة الأولى، أنَّ هذا البرنامج لم يلتزم أياً من الطرق التعليمية بدقة، ولكنه يتقاطعُ مع بعضها من مثل الطريقة السمعية الشفوية البصرية، والطريقة الانتقائية، حيثُ إنه يعتمدُ أُسلوب الاستثارة / الاستجابة، عن طريق استخدام الصور، والأسئلة، ومن خلال تنمية مَهارات الاستماع والاستظهار، ومن ثم التحفيز للتكلّم وتكرار الطلب لنطق المَادة اللغوية، بتمكين المُتعلم بواسطة البرنامج الحاسوبي، من تكرار الاستماع إلى اللفظ الصحيح كلما أراد، مع مُرافقة ذلك السماع ظهور صورة اللفظ الحسية على شاشة الحاسوب وسماع لفظه في آنٍ مَعاً، فضلا عن بناء البرنامج أصلاً على أساس توجيه السؤال مع إمكانية إظهار الإجابة، ويتقاطع مع الطريقة التواصلية من حيثُ مُشاركة المُتعلم في العملية التعليمية وتواصله مع المَادة التعليمية.
إلاَّ أنه يختلفُ مع الطرق التعليمية نفسها في عدم اعتماد أو مُراعاة مبدأ الشيوع في الاستخدام اللغوي، فالمعيار الأوحد في اختيار المادة اللغوية لِهذا البرنامج هو إمكانية تَمثيلها بالصورة أو الرسم حاسوبياً، لأنَّ الهدف الأساسي هو نطق الصوت اللغوي العربي داخل النسيج الصوتي العربي للمُفردات، ومن ثم تعرُّف مَعناها، في مُحاولةٍ لِزيادة الحصيلة اللغوية للمُتعلمين، وبِخاصة إذا ما راعينا المُستوى اللغوي العربي المُراد تعليمه [24]، إذْ لابدَّ من مُراعاة الخصوصية بالنسبة إلى اللغة العربية، من جهة علاقتها بالنصِّ القُرآني وتعلُّمه، مع مُلاحظة أنَّ التوجه إلى تعلم اللغة العربية، من قبل غير الناطقين بها يأتي من المُسلمين غير العرب بالدرجة الأولى، أكثر من المُتعلمين الآخرين، إضافةً إلى أنَّ أغلب الدارسين الأجانب هم من طلاَّب الدراسات العُليا، أي إنهم يدرسون العربية لِغاية أكاديمية، ثم يأتي الدارسون من أبناء المُغتربين العرب، وهم سيتعاملون مع العربية في إطارها الواسع أيضا.
ولابدَّ أيضاً من مُلاحظة خصوصيته، من حيثُ أنـه يهدف إلى تَعلُّم وتعليم مُفردات لُغوية، بالدرجة الأولى، وليس تراكيب، ومن ثم تمكين المُتعلم من نطق لفظ هذه المُفردات عن طريق الإيحاء والمُحاكاة، وتعرفه مَعانيها باستخدام صورتها، وتركيزها على الصوت / الحرف المُفرد داخل النسيج الصوتي للمُفردة، ولفت انتباه المُتعلم إلى مخرجه قدر الإمكان، وبذلك فإنَّ هذا البرنامج موجّه بالدرجة الأولى إلى الكبار من مُتعلمي اللغة العربية من غير الناطقين بها.
وأما فيما يتعلق بموقع هذا البرنامج من البرامج الحاسوبية التعليمية فنلاحظُ أنَّـه يتقاطع في مراحله التعليمية وهدفه التعليمي العام مع عدد من البرامج فهو ، أولاً، من البرامج التفاعلية المُتعددة الوسائط لأنه يخلق جواً تعليمياً تفاعلياً بين المتعلم والحاسوب والمادة التعليمية، وهو متعدد الوسائط لأنه يستخدم وسائط وأدوات متعددة من صور ثابتة ومتحركة، ونصوص مكتوبة، ويستخدم تقنية الصوت.
وهو من حيثُ غَـايته وهدفه فهو يقتربُ من برامج التدريس الخُصوصي؛ فَـيـقدّم للمُتعلم مَعلومات جديدة ويعمل على ترسيخها وتقويتها، كما يمكن أن يتعامل مع مستويات عمرية وتعليمية مُختلفةٍ، ويمكن أَنْ يحلَ فيه البرنامج الحاسوبي محل المعلم بالنسبة إلى المُستوى العُمري المُتقدم، ويسمح كذلك هذا البرنامج للمؤسسة التعليمية أن تعلّم الصوتيات العربية وإن كان لا يتوافر لها المدرس لتدريسها.
كما يتقاطع مع برامج التدريب والممارسة من جهة أنه يقوي ويمكّن التعلم التقليدي للأصوات العربية بالنسبة إلى مُتعلمي اللغة العربية الكبار من المُسلمين غير العرب، وذلك بعد سماعهم لشرح درس عن الأصوات العربية، وقبل التمرين والتدرب على مَهارات نطق الأصوات، ومن خلال استخدمها لتقنيات الحاسوب في عرض الصوت والصورة، إضافةً إلى اعتماده على الحوار في خلق بيئة تفاعلية بين المُتعلم من جهة والحاسوب والمادة التعليمية من جهة أُخرى.
وهذا البرنامج من برامج التعليم بالمُلاحظة والاكتشاف، فهو مُحاولة في برنامج للتعليم الذاتي دون إشراف وتوجيه، وهو يتقاطعُ كذلكَ مع برامج التعليم بالمُلاحظة في مرحلة تعلم نطق المُفردات وتعرُّف مَعناها، وفي مرحلة مُلاحظة موضع نطق الصوت المُفرد وتعرُّف كيفية نطقه فيقوم البرنامج بعرض رسم المفردة مصحوباً بِسماع نطقها ورؤية صورتها تاركاً للمتعلم استخلاص المَعنى، ومن الجدير ذكره في هذا المقام أن المُختصين يرون (( في تقنيات التعليم أن صورة واحدة أفضل من ألف كلمة لذلك ابتكر عُلماء الحاسبات الإلكترونية طريقة وصف تصويرية ...)). [25] ومما يدعم ذلك أيضاً أنَّ نسبة تعلُّم الإنسان من خلال الحواس تبلغ 75% باستخدام حاسة البصر، و13% بحاسة السمع، و3% بحاسة الشم، و3% بحاسة الذوق.[26]
وهو يقعُ فعلاً ضمن برامج النمذجة والمُحاكاة في الحاسوب؛ فهو طريقة فـعَّـالة لتحقيق المَهارات البصرية والوصفية والرسم، وبخاصة في مرحلة مُلاحظة موضع نطق الصوت المُفرد وتعرُّف كيفية نطقه؛ فيسمح للمُتعلم بُملاحظة كيفية نطق الصوت والحركات المُصاحبة لذلك دونَ شرح نظري تخصصي.
د. مَاهر عيسى حَبيب
مقال رائع جدا شكرا جزيلا